فاطمة بنت عوضة


الأخت الكبرى… أمٌّ بحنانها، نبعٌ بحكمتها، وجمالٌ يسكن الذاكرة


حين رحلت الأم، وغيّب الموت الأب، لم يكن البيت خاليًا…

فقد وقفت فاطمة بنت عوضة، الأخت الكبرى، بقلبها العظيم تسدّ فراغ العالم كله.

لم تكن أختًا فحسب، بل كانت أمًّا ثانية، وسندًا عميقًا، وضوءًا لا ينطفئ.


تحمل في قلبها نهرًا من الحنان لا يجف،

تغسل بحب، وتطبخ بعين أم، وتوجه بحكمة، وتحتضن بإيمان،

وتعطي بلا منّ، وتضحّي بصمت، وتُضيء حياة إخوتها كأنها خُلقت لتكون لهم وطنًا وسكنًا.


كأن الله أودع فيها كل صفات الطُهر والبركة،

فصارت رمزًا للوفاء، وراية للطيبة، وصورة للمرأة الصابرة المتفانية.


ورغم انشغالها بخدمة إخوتها وتربيتهم،

لم تتوقف عن حلمها، فأكملت تعليمها لاحقًا في مدينة الرياض،

وبقيت نبراسًا يُحتذى في الطموح والإرادة.


تزوّجت من ابن الأطاولة حسن بن مفرح،

وكان لها من الذرية ابنها البكر أحمد، وثلاث بنات هن امتداد روحها ونبلها.


لا تزال إلى اليوم فاطمتنا الغالية،

تمنحنا من حكمتها، وتفيض من محبّتها،

ضحكتها كالموسيقى الدافئة، وحديثها يبعث السكينة،

ومجرد وجودها في المكان… يمنحه بهجةً وطمأنينة.


فاطمة ليست اسمًا عابرًا في الذاكرة…

هي أمنا، وأختنا الكبرى، وحبيبتنا، وروحنا، وبركتنا التي نتفيّأ ظلها.

في حضورها راحة، وفي سيرتها مجد، وفي قلبها مساحة لا يسكنها إلا الحب.


كل ما ننعم به… هو امتداد لطيبتها، وذكرى لحنانها، وجمال لظلها المبارك.


رحمة بنت عوضة


رحمةٌ اسمًا… ورحمةٌ طبعًا، ورحمةٌ في كل نبض


رحمة… ولها من اسمها نصيب لا يُحصى،

رحمة في نظرتها، في نبرتها، في يدها الممتدة، وفي قلبها المضيء.


حين توفيت والدتها، كانت لا تزال في عمر السنة وشهرين فقط،

وما إن بدأت تخطو وتتكلم حتى غاب والدها عن الدنيا،

لكن الله وهبها روحًا مضيئة، ونفسًا حنونة، فكانت تعويضًا من السماء.


نشأت كزهرةٍ ندية في أرض الحزن، فملأتها حبًا وجمالًا،

كبُرت تحت جناح الأخت الكبرى، تفتّحت بين الحنان،

وصارت بين إخوتها الوجه البشوش، والبسمة التي لا تُنسى.


أكملت تعليمها الجامعي في مدينة الرياض،

ثم انطلقت في ميدان التعليم، فكانت معلمةً لا تُنسى،

متميزة بعطائها، صبورة في شرحها، نبيلة في تعاملها،

أحببّنها طالباتها كما أحببّنها زميلاتها ، كما أحبّها كل من عرفها.


تزوجت من ابن خالها صالح بن حسن الدحية،

وكان لها من الأبناء حسام، وخمس فتيات كالبدر في تمامه،

فصار بيتها امتدادًا للجمال الذي في داخلها.


ابتسامتها ساحرة،

حديثها عذبٌ كخرير الماء،

وكل ما فيها جميل يريح القلب ويبعث الأمان.


بين إخوتها هي نبض الحنان، وريحانة البيت، وصوت الخير الذي لا يغيب.

وإذا ذُكرت الذكريات الطيبة… كانت رحمة أول الأسماء التي تُقال.


عزيزة بنت عوضة

وهي عزيزة… اسمًا ومقامًا ومكانةً في القلوب

وُلدت في لحظةٍ كانت الحياة فيها قد طوَت صفحة، وفتحت أخرى…

فبعد رحيل الوالدة جمعة بنت مسفر، تزوّج والدها من رقية بنت أحمد الدحية،

وحين وافاه الأجل، كانت رقية حاملًا في شهورها الأولى،

ثم وضعت مولودتها في مكة المكرمة،

فجاءت إلى الدنيا عزيزة… وقد كانت فعلاً أعزّ ما فينا.

لم ترَ والدها،

لكنها رأت في بيت جدها أحمد الدحية، وفي حضن والدتها الصابرة،

كل الحب الذي ينبت من الحزن، وكل النور الذي يشع من الظلام.

نشأت في بيت من بيوت الأصالة،

وترعرعت بين يدين تزرع الطمأنينة،

ودرست، وتفوّقت، وتخرجت من الجامعة،

ثم تزوّجت من عبدالله ابن جدها، غرم الله بن مسفر الدحية،

رزقها الله بثلاثة أبناء وابنتين،

فرسانها الثلاثة، سيوفها اللامعة في المواقف، وسندها الذي لا يميل،

والملاكَين القمَرين، زينة بيتها، ونبض قلبها، ورقةُ عمرها.

هم عزها وعزوتها، بهم تعتز، وعليهم تعتمد، يحفظهم الله لها ويقرّ بهم عينها.


وغدت اليوم مشرفة على دار لتحفيظ القرآن الكريم،

تبني في الأرواح نورًا، وتُخرِج من بيوت الله نساءً يحملن القرآن في صدورهن.

عزيزة لم ترَ والدها،

لكنها صمدت كالسنديانة، ثابتة، شامخة، أصيلة الجذور، باسقة القامة.

عطاؤها لا يُحدّ، وابتسامتها لا تُنسى، وعلاقاتها تمتد كضوء الفجر في القلوب.

كل من عرفها أحبها، وكل من اقترب منها أحسّ بالأمان.

هي الأخت الصغرى…

لكنها في مقامها كبيرة، في وفائها نادرة، وفي أثرها باقية.

نسأل الله أن يبارك في ذريتها،

ويرفع مقام والدتها،

ويسكن والدها الفردوس الأعلى،

وأن يديمها بيننا عزيزة في الدنيا والآخرة.